أبين …عبد اللطيف السيد الفارس الذي ترجل عن صهوة جواده
✍️ عفاف سالم
مغرب الأمس الخميس وارى الثرى جسد العميد عبد اللطيف السيد القائد الذي يشهد له العدو قبل الصديق بالشجاعة والجرأة والإقدام
دفن في قرية بوادي اوفر بعد الصلاة عليه بحضور الوالي وعدد من القيادات والمواطنين الذين أتوا لوداعه وتشييع جثمانه لمثواه الأخير الذي نسأل الله له فيه أن يرقد بسلام بعيدا عن رائحة البارود والدماء وبعيدا عن الاحزان والمكائد والفقد المباغت لرفاقه والذكريات المؤلمة التي مؤكد كانت تلازمه فضلا عن ألم الحنين لمن فقد من أحبته
رحل القائد عبد اللطيف السيد صباح أمس الخميس بصمت وهدوء باستهداف غادر كما كان يتوقع
كم ذهلت وان اقرأ كلماته التي قالها للأخت بشرى أنه غير مؤمن على حياته وأنه مقتول رغم حراساته وأطقمه السبعة التي ترافقه وبرر يقينه بالمصير الذي ينتظره بكلمات معدودة بقوله إنه في مجتمع خائن يطعن من الخلف ولا يملك الشجاعة للمواجهة
رحل عبد اللطيف السيد مغدورا بكمين وعبوة ناسفة استهدفته كما توقع ورحل معه بعض رفاقه
ساعات عبد اللطيف الأخيرة كانت متميزة من تجديد العهد لإتمام مشواره الذي بدأه بكلمات سجلها لقناة المستقلة وماكان يدري انها ٱخر كلمات بعث فيها برسالته أو بالأصح وصيته الأخيرة التي تم توثيقها
قبل ساعة من المغادرة الغادرة أكدت مصادر مقربة أن عبد اللطيف السيد رقص رقصته الأخيرة الشرح منشرح الخاطر في مكان محاط كله بالمخاطر
رقص وانطلق إلى طريق الشهادة وهنيئا له إن كان قد فاز بها فالشهداء عند ربهم أحياء يرزقون ونحسبه منهم
أوصى السيد أن لا يتم تصويره إن استشهد ربما لأنه ظن أن جسده سيتمزق إربا إربا وان اوصاله ستحترق وتتفحم فقد أيقن أن شهية النيل منه كبيرة وان طريقة الخلاص منه ستكون بشعة
السيد الذي كان يؤمن بمصيره المحتوم الذي ينتظره مغدورا لم يكن يدرك أن لطف الله به كبيرا وان اعمال البر والخير التي كانت سببا في نجاته أكثر من مرة حينما كان مايزال في العمر بقية وكانت سببا في حفظ جسده عقب استشهاده
عبد اللطيف جعل بينه وبين الله جسرا ممدودا لم يعلم به إلا الله ومن شملهم برعايته من الايتام والارامل وممن توجع متألما وعجز عن تكلفة عملية وممن تاقت نفسه لزيارة بيت الله
السيد فاز بتوفيق الله بأعمال الخير فقد كان إنسانا بحمل بين حناياه قلبا طيبا رقيقا لمن عرفه عن قرب ويستمع لخطب الجمع ليفوز بأجرها
شخصيا مارأيت الرجل الا مرة واحدة وعلى بعد مترات كثيرة في حفل تكريم التربويات القديمات وهو يشاركهن بماله وحضوره بينهن كان له عظيم الأثر…
فأي قائد مستهدف تحيط به الأخطار يقتطف من وقته ليكرم حرم الرئيس سالمين التي تغيبت في حين ترك كل شيء ليكرمها ويكرم التربويات المسنات ويقبل رؤوسهن عرفانا وتقديرا
غادرت لانشغالي قبل إتمام التكريم لتروي لي إحدى الاخوات كيف أمسكت به الحاضرات ووهب خمسين ألفا لكل من أرادت العطاء ولم يتهرب بل ظل في مكانه يسترضي المحتاجات دون تذمر ولم يفلت الا عندما اقتادته إحدى الأخوات بسيارتها لتأمين سلامته من جانب ومن جانب آخر كان لديه اجتماعا طارئا فذكرته به بحسب قولها
فالانسانية حينما تطغى على الروح القتالية تغلبها
عبد اللطيف السيد تبنى أسر فقيرة وله في جوانب الخير زوايا خفية كلها جعلت الحافظ يحفظه وانجاه الله ببدنه الذي لم يشوه أو يمزق ولم تكن ميتته بشعة وانما لطف الله بجسده فسبحان الله اللطيف ياعبد اللطيف اللطف الذي احاطك به خالقك إبان قبض روحك
كان يؤمن بإن ضريبة الطريق الذي يسلكه باهضة الثمن ومع ذلك لم يتردد وانما مضى للجبهات والمواجهات ولم تفض روحه لبارئها وهو على فراشه مريضا ومعتلا ولم تفض روحه عاجزا مشلولا أو مجلوطا وما أبتلاه الله بالعيش كسيحا بتمزق أوصاله في حوادث اغتياله المتكرره وماجعله للفراش طريحا عقب الانفجار الغادر الاخير ..
لطف الله بعبده اللطيف كان واضحا جليا فقد فاضت روحه وهو بكامل عافيته وحفظ له جسده وعاش ساعاته الأخيرة مبتهجا مستبشرا ووجه متهللا ومودع الدنيا برسالة راقصة غير مبالية بالموت مفادها أن الدنيا بخير وان الحياة مستمرة ولن تتوقف برحيله وتلك كانت وصيته لأهله بحسب ماقيل أنه قال ايضا لا تقيموا علي العزاء ودعوا الامور تسير
بقي أن أقول هنيئا لك الشهادة التي نسأل الله أن تكون قد فزت بها فبشائرها كانت تطل في كل مواقفك من الإيمان والاستعداد ليوم الرحيل والقناعة التامة والرضا بما كتبه لك الجليل
وللحديث بقية وماتنسوا الصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين