الإنسانية لا تقاس بما نملك، إنما بما نحمله من إيمان وتكاتف

كتب : هزاع بن عامر السليمي

في المهرة تحديداً قرى فرتك الهادئة ، حيث البحر يعانق الأرض والسماء تحتضن الجبال، كان الناس يعيشون حياة بسيطة وسعيدة. الصيادون يستقبلون الفجر بشباكهم، والمغتربون يعودون بأحلامهم ليبنوا منازل الأمان. كانت الحياة تسير بوتيرة هادئة، وتتناغم مع أمواج البحر وهمس الرياح، السماء تعانق البحر، والنخيل يراقص الريح، كان يعيش أهلها حياة البساطة والرضا كان لكل منهم قصة، قصة كفاح وأمل، قصة حلم يتشكل بين الأيدي العاملة والقلوب الصابرة.

كان هناك أبو ياسر، الصياد الذي يعود كل مساء بما قسم الله له من رزق البحر، والشاب خالد الذي غادر القرية صغيرًا ليعود إليها بحلم كبير، حلم بناء منزل يجمع شمل العائلة.

بعد سنوات من الغربة والكد، استطاع خالد أن يضع اللبنة الأخيرة في بيت الأحلام، لكن في ليلة مظلمة، هبّ إعصار #تيج بلا رحمة، محملاً بقوة الطبيعة الغاضبة. اجتاح القرية، مخلفاً وراءه دماراً وأنقاضاً، البيوت التي بُنيت بعرق الجبين وأحلام الغد، تهاوت في لحظات وفي غمضة عين، تحولت الحياة البسيطة إلى صراع من أجل البقاء، وقف خالد أمام أنقاض منزله، ينظر بعينين تملؤهما الدموع والحيرة، ولكن لم يخلُ قلبه من الإيمان.

المأساة لم تكن حكرًا على خالد وحده، فقد شاركه أهل قرى فرتك بأسرها، أكثر من ” 245″ من البيوت التي كانت تضج بالضحكات والأماني، أصبحت أطلالًا تحتضن الذكريات. الأطفال الذين كانوا يلعبون بلا هم، أصبحوا يتساءلون عن مأوى الليلة، والأمهات اللواتي كن يحضرن العشاء، أصبحن يبحثن عن لقمة العيش حينها.

رغم الخراب الذي خلفه الإعصار، ورغم الإهمال الذي واجهوه من السلطات، لم يفقد أهل فرتك الأمل ففي كل صباح، يجددون العزم على إعادة بناء ما تهدم، يدًا بيد، قلبًا بقلب. يعلمون أن الفرح قد يتأخر، لكنه لن يغيب، فالله لا ينسى عباده الصابرين.

وفي الأفق، حيث يلتقي الأزرق بالأزرق، يرسمون صورة جديدة للحياة، صورة تتحدى العواصف وتزهر بعد الدمار،فالإنسانية لا تقاس بما نملك، بل بما نحمل في قلوبنا من إيمان وأمل وتكاتف. وهكذا، يظل أهل فرتك ، ببساطتهم وصبرهم، مثالًا للحياة التي تنبض بالأمل، مهما عصفت بها الرياح.

ملاحظة.: الصورة نموذج للكثير من البيوت المتضررة من إعصار تيج وبجهود وتكاتف الأهالي يعيدون بناءه من جديد، رغم إهمال الحكومة من تعويض المتضررين . ايضاً الاسماء المذكورة إعلاه في القصة ليست حقيقة.

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى