السلطان الشعبي قريبع

أبين ميديا – كتابات

كتب / محمد ناصر العولقي

نازعته عجلة الأيام ونازعها فأحيانا يتغلب على غدرها وينجو من ألاعيبها وينتزع منها لحظات سعادة وغالبا ما يتجرع منها مرارة الهزيمة ووجع خيبات الأمل المتكررة وشعورا قاسيا بالخداع والخذلان .
إنه حسن محمد حسين الصبيحي الشهبر بلقب ( قريبع ) رجل المسيرات الشعبية وحشد الجماهير والدعاية والتحريض والإشاعة الموجهة في حافة قدّرالله أيام زخم الحماس الثوري العفوي ومواسم التنافس الانتخابي …
ولد في طور الباحة محافظة لحج من أب صبيحي وأم لحجية منتصف أربعينيات القرن الماضي وتوفي والده وهو صغير فعادت به أمه الى بيت أهلها بحوطة لحج ومكث هناك حتى توفيت والدته رحمها الله ، وبعد وفاتها بسنة جاء السلطان الشعبي قريبع الى جعار عام ١٩٥٨ تقريبا ..
اشتغل قريبع ( كولي ) بالأجر اليومي مع كبار الوساطية المعلمين في جعار صالح فضل الصلاحي وعبدالجبار وعبادي وعبده أحمد الصلاحي ، وقال لي : ( بنينا البارهوص والطوابق العليا من مبنى لجنة أبين الزراعية ودار الضيافة ) وأول عمل له مع الحكومة كان في ١٩٧٣ في الثروة السمكية ( يعطونا ٣٠٠ شلن في الشهر واتسبّر بمية واتقحزج بالميتين الباقية ، وتزوجت من بنت العاكي بمهر ألفين شلن في ٧٣ ) .
ظل في الثروة السمكية ٦ سنوات منها ٣ سنوات في زنجبار وشقرة و٣ سنوات في البرنجسار في عدن يقطع رؤوس الصيد قبل أن يثلجونه في الثلاجات ثم عاد بعدها الى جعار ( ما قدرت اتحمل واصبر وأنا بعيد جعار يا خي ) ، والتحق بالمشروع البلغاري ( الري ) سائق حراثة فرجسون , وظل في هذا العمل سنتين ثم التحق بلجنة أبين ( هيئة تطوير دلتا أبين ) سائقا لحراثة فرجسون وبقي فبها ١٢ سنة حتى فلست الدلتا فانتقل الى الخزينة الفرعية ( مكتب المالية ) دريول وتقاعد عام ٢٠٠٩ .
قال لي قريبع : ناس قليل الذين يعرفون حسن محمد حسين الصبيحي الذي شلته الدنيا وحطته وشلها وحطها ولكن قريبع هو المشهور والمعروف عند الصغير والكبير في جعار … قريبع صاحب المزيد قارع الطبل الشهبر في مسيرات جعار الفلاحية والشعبية وصاحب عازف المزمار فتيني وضارب الطبل أحمد سليمان .. كنا نعك أبوها عوك ونجيب الناس مثل السيل من حافة قدر الله الى قدام مقر التنظيم أو الفرزة أو التعاونية الزراعية :
بن ربيع طليعة شعبنا
قسما في المسيرة سايرين
..
والاقطاعي لا ضحك لك
ضحكته فوق السنون
شل حقك وانتبه له
لا تكن عاطف حنون

وسالمين نحن أشبالك
وافكارك لنا مصباح
واشعلناها ثورة حمراء
باسم العامل والفلاح

كنا شعبا مسكينا يردد ما يقال له ولكن بصدق …

كان قريبع لا يقر ولا يسكن في المناسبات والمواسم الانتخابية .. ( يستدعوني لمقر التنظيم أو الحزب ثم بعد الوحدة الى مقر المؤتمر الشعبي ويقولون لي : نشتي مسيرة .. نشتي حشد .. نشتي الرجال والنسوان يخرجون مسيرة مثل السيل من الحافة وأنا آخذ منهم البيس حق الطبول والمزامير والحواشة واعمل الواجب .. ) .
جزّع قريبع زمنه وليس لديه حقد على أحد وليس لأحد حقد عليه ، ويعيش اليوم بائعا للبقل والكراث وما شابه جالسا على رصيف الشارع الرئيس أمام مسجد جعار وسوق الخضرة وبعد الظهر تنتهي صلته بزحمة المدينة ويعود أدراجه الى ركن قصي من الدنيا يفكر في لقمة عيش الغد .

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى