في ضوء توجه جامعة عدن لتنظيم المؤتمر الدولي الأول.. الزامكي يستعرض أهمية التمويل المستدام 

أبين ميديا /العاصمة عدن/د.جهاد وادي

 

في إطار الاستعدادات الجارية في جامعة عدن لتنظيم المؤتمر الدولي الأول تحت عنوان “التمويل المستدام أساس التنمية المستدامة” الذي تستضيفه كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بالجامعة في ديسمبر القادم، وتزامناً مع هذا الحدث العملي الكبير استعرض الأخ عميد الكلية الدكتور/علي ناصر الزامكي في مقالٍ علمي له المقاربات والمدلولات لأهمية التمويل المستدام باعتباره مكونًا أساسيًا وجوهريًا لتحقيق التنمية المستدامة كهدف تطمح إليه الدول والمنظمات.

 

وأكد الدكتور/ الزامكي على أهمية واستشراف أنموذج لمتطلبات تطبيق مبادئ التمويل المستدام المنشود في ضوء توجه جامعة عدن لانعقاد المؤتمر الدولي الأول للتمويل المستدام والذي تسعى من خلاله إلى إرساء مضامين ومداميك التمويل المستدام الذي يسهم في دعم الاستقرار المالي والمصرفي وتحقيق اهداف التنمية المستدامة ومن ثم تحقيق الاستقرار طويل الأجل للاقتصاد والبيئة والمجتمع ككل.

 

وشدد في سياق المقال العلمي أن التمويل المستدام يعد من أهم الموضوعات التي يتم تناولها في المحافل الدولية ومثار اهتمام من الحكومات والبنوك المركزية، موضحاً أن المؤتمر الدولي الأول للتمويل المستدام الذي تنظمه جامعة عدن سيتم من خلال محاوره الرئيسية دراسة ومناقشة الأبحاث المقدمة بالشراكة مع توجهات الحكومة ممثلة بالوزارات المعنية والبنك المركزي اليمني والقطاع المالي والمصرفي وصولاً لوضع إطار عام للتعريف بالتمويل المستدام وتقديم التوصيات لتبني الحكومة والبنك المركزي إصدار المبادئ الاسترشادية للتمويل المستدام كخطوة هامة للبدء في وضع الإطار العام لتطبيق التمويل المستدام في القطاع المصرفي اليمني كأساس لنجاح التنمية المستدامة.

 

وفيما يتعلق بالمحور الثاني للمقال العلمي فقد أكد الأكاديمي المعروف الدكتور/علي ناصر الزامكي عميد كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، على مقاربات ومدلولات التمويل المستدام القائمة على أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والحوكمية، باعتبارها أساس لنجاح التنمية المستدامة، وتحقيق الاستقرار طويل الأجل للاقتصاد والبيئة والمجتمع، على اعتبار أن القطاع المصرفي هو أحد أهم القطاعات التي تدعم جهود التنمية وبالتالي لا يمكن تحقيق أهداف التنمية المستدامة بما فيها من تحديات بيئية واجتماعية وحوكمة دون أن يكون للبنوك دوراً فعالاً في ذلك من خلال توجيه التمويل إلى أنشطة اقتصادية أكثر استدامة، وأن دمج العناصر البيئية والاجتماعية وأسس ومبادئ الحوكمة له تأثير إيجابي على أداء الشركات وتقليل نسب المخاطر فضلاً عن كونه عاملاً هاماً لجذب الاستثمارات الأجنبية.

 

وأنه أصبح لزامًا على الحكومات والبنوك المركزية دعم مفهوم التنمية المستدامة، واتخاذ خطوات جادة لتعزيز وتطبيق التمويل المستدام بالقطاع المصرفي، حيث أصبح تطبيقه من الموضوعات الهامة التي يتم تناولها دولياً، إذ يشير مفهوم التمويل المستدام إلى الخدمات المالية أو المصرفية التي تراعي العناصر البيئية والاجتماعية والحوكمة في قرارات البنك لدى منح الائتمان أو قراراته الاستثمارية، وذلك لتحقيق منفعة مستدامة لكل من العملاء والأطراف المعنية، وهو الموضوع الأكثر إلحاحًا لمختلف الأجيال، وتعني الاستدامة في هذا السياق أهمية وجودة عدم الإضرار بالبيئة أو استنزاف الموارد الطبيعية، مما يدعم التوازن البيئي والاجتماعي والحكومي طويل الأجل.

 

وقال الزامكي أن التمويل المستدام على مستوى البنك المركزي يؤدي

إلى دعم الاستقرار المالي والمصرفي، وأن هناك عديد من الدراسات أثبتت أن دمج العناصر البيئية والاجتماعية وقواعد الحوكمة لها تأثيرها الإيجابي على أداء الشركات وتقليل نسب المخاطر، وبالتالي توفير التمويل لتلك الشركات يعتبر تخفيض المخاطر بما ينعكس إيجابياً على استقرار النظام المالي، وكذا تعزيز الفرص الاستثمارية وضخ عملة أجنبية عن طريق جذب شريحة جديدة من المستثمرين الذين يستهدفون التمويل المستدام، إلى جانب استثمار أجنبي مباشر للقطاع المصرفي والاقتصاد القومي، فضلاً عن تعزيز إصدار السندات الخضراء في ظل تزايد انتشار الاستثمار البيئي والاجتماعي، وإمكانية إنشاء البنوك الخضراء لتطوير البنوك المتخصصة القائمة وفقاً لتوجهات البنك المركزي والجهاز المصرفي، حيث تساعد البنوك الخضراء في تأمين تمويل رأس مال منخفض التكلفة لمشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة والمشاريع التي تهدف بشكل عام إلى تحسين الجودة البيئية بأسعار وشروط ملائمة، مستعرضاً في سياق ورقته العلمية تجربة لجنة بازل للرقابة المصرفية التي أعلنت مؤخرًا عن تشكيل مجموعة عمل معنية بالمخاطر المالية المتعلقة بتغير المناخ، وحاجة المؤسسات الدولية إلى استراتيجيات وشراكات جديدة لمواجهة التحديات البيئية والاجتماعية بفاعلية وكفاءة.

 

مبيناً أنه لا يمكن تحقيق التنمية المستدامة بما فيها من تحديات بيئية واجتماعية دون أن يكون للبنوك دوراً فعالاً في ذلك من خلال توجيه التمويل إلى أنشطة اقتصادية أكثر استدامة من خلال تقديم حلول مالية ومنتجات مصرفية جديدة ومبتكرة، وفتح مجالات وأسواق جديدة للتمويل مما يساهم في تحقيق المزيد من الأرباح، واتباع مفاهيم التمويل المستدام والتي تعمل على خفض فرص التعثر وبالتالي الحفاظ على جودة محفظة البنك، وكذا المساهمة بشكل إيجابي في تنمية المجتمع والحفاظ على البيئة المحيطة، وتحسين سمعة البنوك محلياً ودولياً، بما يسهم في تقليل المخاطر البيئية والاجتماعية.

 

مؤكداً في ختام ورقته العلمية أن تطبيق التمويل المستدام بالبنوك لا يعني بالضرورة التأثير سلباً على ربحية البنك أو التوقف عن تمويل مشروعات أو صناعات بعينها، وإنما سيؤدي إلى تقديم حلول مالية مبتكرة وتحقيق المزيد من الأرباح من خلال فتح أسواق ومجالات جديدة والتقليل من المخاطر البيئية والاجتماعية، والتأكيد على أن التمويل المستدام هو نهج مصرفي محدد وثابت ويتم تطبيقه وفقاً لمعايير دولية فيما يتعلق بأسلوب وطريقة الإقراض والاستثمار وتقليل المخاطر المتعلقة بها، أما بالنسبة للمسئولية الاجتماعية فتختلف عن التمويل المستدام كونها تنبع من رؤية كل مؤسسة لدورها المجتمعي المحيط بها وتتغير تلك الرؤية طبقاً لظروف كل مؤسسة، كما أنها مرتبطة بجهود ومبادرات يتم تنفيذها خلال فترات محددة ولا يمكن الاعتماد عليها على المدي الطويل كخطط لتحقيق التنمية المنشودة، لكن يمكن القول أن جهود المسئولية المجتمعية تساهم علي المدي القصير في تحقيق بعض من أهداف التنمية المستدامة.

 

وبناءً على ما سبق وبهدف مواكبة أفضل الممارسات الدولية في إرساء قواعد “التمويل المستدام” بالقطاع المصرفي اليمني ودعماً لجهود الدولة في تحقيق التنمية المستدامة، يأتي المؤتمر الدولي الأول للتمويل المستدام الذي ستنظمه جامعة عدن من خلال كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية في ديسمبر المقبل لتقديم التوصيات اللازمة من خلال مخرجاته حول إصدار المبادئ الاسترشادية للتمويل المستدام كخطوة هامة للبدء في وضع الإطار العام لتطبيق التمويل المستدام.

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى